أنواع الآلام الروماتيزمية وكيفية التغلب عليها
يتطلع الكثيرون منا في خريف العمر إلى حياة اجتماعية نشطة برفقة الأصدقاء الطيبين، وإلى قضاء الكثير من الوقت في ممارسة هواياتنا المفضلة التي لطالما أهملناها وأيضا نتطلع لأن نجد أنفسنا محاطين بأبنائنا ولربما أحفادنا أيضا. ولكن بالنسبة للعديد منا أيضا، تترافق هذه المرحلة من العمر مع حالة مؤلمة تُحوّل الأعمال اليومية البسيطة، مثل فتح أيدينا أو الإمساك بقلم لتسطير رسالة، إلى تحدٍ هائل ومهمة مستحيلة.
التهاب المفاصل أو «الروماتيزم» هو مرض يصيب الملايين من الناس يوميا مغيراً مجرى حياتهم ومسبباً الاكتئاب للكثيرين. وأكثر الأشياء إيلاماً المترتبة على هذا المرض ليس الألم الجسدي بل هي أن يوم المريض يتحول إلى سلسلة من التحديات التي يواجهها عند محاولة القيام بمهام بسيطة والتي كان لا يعيرها اهتماماً في السابق. ولكن بزيادة معلوماتهم عن هذا المرض وتعميق فهمهم له، يستطيع المرضى السيطرة على المرض والحيلولة دون تفاقمه وأيضاً تخفيف أعراضه.
هناك 200 نوع تقريباً من التهاب المفاصل وأكثرها شيوعاً هو الالتهاب العظمي المفصلي، الذي يحدث عندما يصاب الغضروف المحيط بالمفصل بالتلف ويصبح خشناً ورقيقاً وملتهباً. أما التهاب المفاصل الرّثياني، فهو مرض يصيب جهاز المناعة وتقوم فيه دفاعات الجسم الطبيعية بمهاجمة المفاصل.
المفاصل الأكثر تأثراً بالالتهاب العظمي المفصلي هي عادة الورك والقدم والركبة والعمود الفقري واليدان. ويشعر المصابون بهذا المرض بتيبس وتهيج وألم وتورم في المفاصل المصابة لأن أطراف العظام في المفاصل تحتك ببعضها البعض بسبب الالتهاب الذي ينتج عن تلف الغضروف.
وبالرغم من أن التهاب المفاصل قد يصيب الرجال والنساء من أي عمر، فهو عادةً ما يبدأ بالظهور في نهاية مرحلة متوسط العمر بين الخمسين والستين سنة كنتيجة لتلف وإنهاك المفاصل والغضاريف. والنساء هم أكثر عُرضة للإصابة بهذا المرض كما أن زيادة الوزن أو اتباع نمط حياة يفتقر إلى الحركة والنشاط قد يسهمان في زيادة إحتمالات الإصابة لأن هذه الحالات تنهك المفاصل والغضاريف.
وقد يصاب الإنسان بالمرض كنتيجة لإصابة في المفاصل خاصة بين الذين يمارسون الرياضات العنيفة مثل الإسكواش، أو الذين يعانون من إصابات الإجهاد المتكرر في أعمالهم أو حياتهم حيث يظهر المرض أحياناً بعد سنوات من حدوث الإصابة الأصلية. ولا يُعرف حتى الآن سبب الإصابة بمرض التهاب المفاصل الرّثياني الذي يقوم فيه جهاز المناعة بمهاجمة مفاصل الجسم.
يمكن أن تتراوح حدة الألم الناتج عن التهاب المفاصل ما بين الألم الخفيف وحتى المبرح وهذا يختلف من شخص إلى آخر. وقد يجد بعض الناس أن مفاصلهم تتزايد تيبسا بشكل تدريجي ويزداد الألم مع مرور السنين. غالبا ما يصيب التهاب المفاصل الرّثياني المريض على مراحل. فقد يشعر المصاب أنه معافى في أحد الأيام وتزداد حالته سوءاً في اليوم التالي. كما أن الناس المصابين بهذا المرض غالبا ما يقولون أنهم يشعرون بالتوعك والتعب في معظم الأوقات.
إذا كنت تشك أنك مصاب بالتهاب المفاصل، فإن أول خطوة عليك القيام بها هي استشارة الطبيب. وقد يحوّل الطبيب المرضى إلى مختص بالتهاب المفاصل والأمراض الروماتيزمية أو إلى جراح للعظام يختص في أمراض العظام والمفاصل. وسيتمكن الطبيب أيضاً من تقديم النصائح حول كيفية تخفيف الألم وممارسة الرياضة وتغيير النظام الغذائي لتحسين الحالة فضلا عن إرشاد المرضى إلى مجموعة تقدم الدعم لمرضى الروماتيزم في حال وجدت في المنطقة المعنية.
ولعل أبرز التحديات التي يواجهها مرضى الروماتيزم هي أنه لا يوجد علاج محدد للشفاء من المرض. فأقصى ما يمكن للمرضى أن يفعلوه هو تعلم كيفية السيطرة على حالتهم ومعالجة الألم. وعلى الأرجح أن طبيبك سينصحك باستخدام دواء مضاد للالتهاب وخالٍ من الستيرويد لتخفيف حدة الألم، مثل «فولتارين إيملجل».
يُدهن هذا الدواء على المنطقة المصابة حيث يتغلغل إلى المفصل لتخفيف التورم في الموقع المصاب تحديداً ولتخفيف الألم. وقد تكون الأدوية العادية المخففة للألم، مثل الأسبيرين أو الأيبوبروفين أو الباراسيتامول، مفيدة أيضا في بعض الأحيان.
قد يصف لك الطبيب كذلك أدوية الستيرويد التي تؤخذ عن طريق الفم لتخفيف التورم، ولكن هذه الأدوية إذا أخذت لفترة طويلة قد يكون لها مضاعفات جانبية تشمل زيادة الوزن وترقق العظام. وتُستخدم الأدوية المثبطة للمناعة في بعض الأحيان في حالات التهاب المفاصل الرّثياني الشديدة لكونها تثبط النشاط الطبيعي لجهاز مناعة الجسم.
ومع ذلك، فإن وسائل تخفيف الألم المتاحة لا تنحصر كلها في الأدوية. فبعض الحلول تتطلب تغيير نمط الحياة الذي يتبعه المريض. يجب أن يحاول المصابون بالروماتيزم الذين يعانون في الوقت ذاته من زيادة الوزن، فقدان هذا الوزن الزائد لأن ذلك يخفف الضغط على المفاصل.
والرياضة هي أيضا مفيدة جدا لتحسين النشاط والحركة وكذلك لتخفيف الضغط والألم ولحماية المفاصل ولمساهمتها في تقوية العضلات. ولأن الرياضة لها فوائد جمة، قد يقترح عليك الطبيب زيارة مختص بالعلاج الطبيعي ليقدم لك نصائح مفيدة محددة. وعادة ما يُنصح بممارسة الرياضات التي لا تجبر المريض على تحمل وزن جسمه، مثل السباحة أو الرياضات الخفيفة مثل اليوغا أو بيلاتيس.
على مرضى الروماتيزم أيضا أن يوازنوا ما بين النشاطات والراحة. فالراحة مهمة خاصة عندما تكون المفاصل متهيجة أو عندما تتفاقم الحالة بشكل ملحوظ. ولكن الراحة المفرطة قد تؤدي إلى تيبس المفاصل. ابدأ بممارسة الرياضة بالتدريج في بادئ الأمر وزد من نشاطك قليلا يومياً عوضاً عن القيام بجهد كبير من وقت إلى آخر. لا تمارس الرياضة عندما تشعر بالألم أو إذا كنت تشعر بالتيبس أو الإنهاك ولا تُفرط في النشاط.
إذا كان الألم قد أصبح أسوأ بعد مرور ساعتين على ممارسة الرياضة منه قبلها، خفف من حدة هذه الرياضة في المرة المقبلة. ولا تستمر في تأدية حركات رياضية تسبب لك الألم المبرح أو الإزعاج.والوضعية التي يتبعها الناس للجلوس في البيت أو المكتب قد يكون لها أيضاً تأثير على حدة الألم الذي تشعر به ويُعتقد أنها أيضاً من مسببات الإصابة بالروماتيزم.
فالناس الذين يجلسون طوال اليوم في المكتب يجب أن يتأكدوا أن كراسيهم ومكاتبهم مريحة لهم وأن يستخدموا مساند الأذرع عند العمل على الكمبيوتر وأن يأخذوا استراحات قصيرة يتجولون فيها داخل المكتب لإزالة التوتر من المفاصل.
ثبت أيضا أن الأطعمة تلعب دورا في مساعدة مرضى الروماتيزم على السيطرة على حالتهم. فمن المعروف أن السكر المكرر المتواجد في الحلوى والبسكويت، يزيد الحالة سوءاً ولذلك يجب تجنب تناوله في الغذاء بقدر الإمكان.
وزيادة الأحماض الدهنية الأساسية والتي توجد عادة في الأسماك التي تحتوي على قدر كبير من الدهون مثل السلمون أو السمك الإسقمري، قد تساعد على تخفيف الالتهاب وتحسن الليونة حول المفاصل.
وكبديل لذلك، تتوفر مُكملات الأحماض الدهنية الأساسية على شكل زيت «إيفنينغ بريمروز أويل» أو زيت السمك، في أقراص من متاجر بيع الأغذية الصحية. ويمكن أيضاً شراء سُلفات الغلوكوسامين، الذي يتواجد في الغضاريف بشكل طبيعي، على هيئة مكملات وقد تفيد هذه المكملات مرضى الروماتيزم.
إن ارتداء الأحذية ذات النعل الطري قد يساعد على تخفيف ضغط الحركة على المفاصل كما أن بعض مرضى الروماتيزم يجدون الراحة وتخف حدة أعراضهم عند أخذ حمام ساخن لتحسين تدفق الدم إلى منطقة الالتهاب ولاسترخاء العضلات. ولا تخجل أبدا من طلب المساعدة عند أداء بعض الأعمال مثل رفع وحمل الأشياء.
لأن مرضى الروماتيزم يشعرون بالألم والإحباط لعدم قدرتهم القيام بمهام بسيطة في بعض الأوقات، فإن هذا المرض غالبا ما يصيب صاحبه بالاكتئاب. والتحدث إلى أشخاص آخرين مصابين بهذه الحالة وتبادل النصائح والإرشادات معهم من خلال مجموعات دعم المرضى ومناقشة المشكلة مع الطبيب أو فرد من العائلة فضلا عن اتخاذ تدابير إيجابية للسيطرة على الألم وعلى الحالة، كل ذلك قد يساعد المرضى على التعاطي مع المرض بطريقة سليمة.
التهاب المفاصل أو الروماتيزم هو مرض شائع قد يسبب الألم ويعيق النشاطات الطبيعية وفي أسوأ الحالات قد يمنع المصابين به من تأدية حتى أبسط الأعمال. والعمل على فهم هذا المرض بشكل أفضل واستخدام المُكملات الطبيعية وممارسة الرياضة واستخدام الأدوية المخففة للألم لتخفيف الالتهاب والورم، سيساعدك على التحكم في حالتك ويسمح لك بالاستمتاع بسنوات مثمرة في خريف عمرك.
الروماتوئيد
يصيب التهاب المفاصل الروماتيزمي «الروماتوئيد» العديد من الاشخاص من مختلف الاعمار، وهو اكثر شيوعا بين عمر 4060 سنة. وغالبا ما يعكر هذا المرض صفو حياة الانسان بسبب الآلام المصاحبة التي تمنع المريض من ممارسة حياته بشكلها المعتاد، ومن أهم المظاهر السريرية للاصابة: الآلام الحادة، وصعوبة الحركة، اضافة الى تشوهات المفاصل في المراحل المتطورة من الاصابة.
أهم العقاقير
ومن الأدوية الحديثة والقوية في تسكين الآلام دواء «بيكسترا» الذي يستخدم لعلاج الالام والاعراض المصاحبة لالتهاب المفاصل، ودواء داينستات لعلاج الآلام الحادة الشديدة بما في ذلك المصاحبة للعمليات الجراحية، وهما من أحدث اختراعات شركة فايزر العالمية، وهما ينتميان الى مجموعة حديثة من الأدوية المثبطة لأنزيم COX2 التي تتميز بمقدرة كبيرة على تخفيف الالام بسرعة مع استمرار تأثيرها طيلة 24 ساعة.
وبهذا الصدد يقول الدكتور أيمن المفتي اخصائي امراض المفاصل بالمستشفى الأميركي بدبي: أن هذين الدواءين يتميزان بدرجة امان كبيرة من حيث عدم تأثيرهما السلب على الجهاز الهضمي والغشاء المخاطي للمعدة، وكذلك عدم تأثيرهما على خاصية تجلط الدم، ما يتيح امكانية استخدامها قبل العمليات الجراحية.
والجدير بالذكر أن دواء داينستات يعتبر الأول من نوعه من مجموعة مثبطات الأنزيم COX2 المتوفرة في الأسواق، حيث يتوفر على شكل حقن للاستعمال الوريدي والعضلي، وتشير الدراسات التي أجريت عليه الى ان دانيستات يتميز بامكانية ازالة الآلام خلال 711 دقيقة، وندرة تأثيراته الجانبية، اما دواء بيكسترا الذي يتم تناوله على شكل اقراص بجرعة 1040 ملغ يوميا، فقد تم تجريبه سريريا على الاف المرضى، وقد اثبت فعالية كبيرة في ازالة الآلام بسرعة مقارنة بالأدوية التقليدية الأخرى.